FJM

هل الإسلام دين إرهاب ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

كلمات نسمعها كثيرا في وسائل الاعلام ″الإرهاب الإسلامي″ أو ″إسلاميين″ أو ″إرهابي إسلامي″؟! هذه الكلمة نردّها ولا نقبلها أبدا ولا يجوز لأي مسلم قبولها. لأن قبولها يعني قبول نسبة الإسلام إلى الإرهاب، بينما الإسلام بريء من الإرهاب. الإسلام دين رحمة ودين تسامح ودين عدل. الإسلام يحرّم الغشّ والغدر والخيانة وقتل النّفس بغير حق. قال تعالى مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا سورة المائدة، آية 32. وأي فساد أعظم من قتل النّساء والصبيان والمستضعفين؟!

دين الإٍسلام ليس دين غدر ولا دين خداع. دين الإسلام دين الوفاء بالعقود. قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ سورة المائدة آية 1، وأيّ عقد أعظم من عقود حقن الدّماء.

قال تعالى وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ سورة الأنفال، آية 58. قال الطبري في تفسير هذه الآية وإما تخافن، يا محمد، من عدوّ لك بينك وبينه عهد وعقد، أن ينكث عهده وينقض عقده، ويغدر بك فأعلمه قبل حربك إياه أنك قد فسخت العهد بينك وبينه، بما كان منهم من ظهور أمارات الغدر والخيانة منهم، إن الله لا يحب الخائنين، أي الغادرين فيحاربه، قبل إعلامه إياه أنه له حرب، وأنه قد فاسخه العقد.

إنّ الله أمرالمسلم إن كانت هناك عقود بينه وبين عدوّ له أن يحترم تلك العقود. حتى وإن ظهرت علامات الخيانة فلا يجوز للمسلم أن يخونهم. وقد يقول قائل أنّه بما أننا علمنا أنهم أرادوا خيانتنا فمن الممكن أن نبتدىء بخيانتهم أو بمحاربتهم من غيرأن نعلمهم؟ بالطبع لا، لأن ديننا يمنعنا من ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ (رواه الترمذي). فهل هذا دين إرهاب ودين غدر؟!

ذهبت أمّ هانىء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: زعم ابن أمي أنه قاتل رجلاً قد أجرته فلان بن فلان، فقال صلى الله عليه وسلم: ″قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ″. فإن أم هانىء استجارت رجلا من المشركين وهي امرأة، والمشركون في حرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك أوجب النبي صلى الله عليه وسلم احترام العهد على الجميع . لماذا؟ لأن العقد والعهد في الإسلام شيء عظيم ولا يجيز الغدر والخيانة ولو كان الغادرمسلم واحد أو امرأة مسلمة واحدة، فكيف إذا كان العقد والعهد بين دول وبين أقوام!! وكيف بمن دخل بلد من بلاد المسلمين وهو آمن وأعطيت له الأمان، وكيف بالمسلم الذي دخل بلد غيرإسلامي وأعطي هذا المسلم الأمان ثم غدر هذا المسلم بهذه البلد التي استضافته واستقبلته؟! هذا لا شك أنه ليس من الإسلام في شيء.

فهل بعد هذا كله نقبل بكلمة الإرهاب الإسلامي؟!

إنّ دين الإسلام أمر بالإحسان لغيرالمسلمين. قال تعالى: لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ سورة الممتحنة، آية 8. فالله لا ينهانا عن الإحسان إلى غير المسلمين.

ولنا في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعظم في دخوله صلى الله عليه وسلم مكّة يوم الفتح. فلن نجد في تاريخ البشرية قديما أوحديثا نصرا وفتحا يضاهي فتح مكّة في سموّ أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم وعفوه.فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكّة يوم الفتح وهو خافض رأسه متواضعا لله جل وعلا. قارنوا هذا بالقادة الآخرين كيف كانوا يحتلون البلاد إذا انتصروا؟

دخل الرسول عليه الصلاة والسلام مكّة دخول من أرسله الله رحمة للعالمين. ولم يدخل دخول الجبّارين المنتصرين الذين يبطشون وينتقمون من أعدائهم، فهل هذا إرهاب إسلامي؟!  وقد قابل الرسول عليه الصلاة والسلام بعد دخوله مكّة الإساءة بالعفو والصفح الجميل. ولمّا جاءه جبريل وقال له: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا. فبعد أن عذبه المشركون وأصحابه بمكّة ظلما وعدوانا لم ينتقم منهم عندما دخل مكّة فاتحا، بل قال: من دخل بيته فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق عليه داره فهو آمن. فأعطى الأمان لكلّ أحد، حتى أنّه خصّ أبا سفيان بالذكر لأنّه كان قائدهم.

قال صلى الله عليه وسلم لأهل قريش يوم الفتح: يا أهل مكّة ما تظنّون أنّي فاعل بكم؟ قالوا: خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم (قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء)، فقال صلى الله عليه وسلم أقول كما قال يوسف ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) أي يغفر الله لكم إذا أسلمتم. فهل هذا إرهاب إسلامي؟

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم زار جاره اليهودي لمّا كان مريضا وأكل من أكلهم. وروي أيضا عن عبدالله بن عمرو أنه ذبحت له شاة فلمّا جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورّثه) هكذا هو خلق المسلم. إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه بالجار ولو كان كافرا. فكيف إذن يخدعه ويخونه أو يغشّه بعدما أوصاه بالجار؟

قال صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل ومن يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوايقه) صحيح بخاري. (البوائق: الشرور كالظلم والغش والإيذاء).

فدين الإسلام يحرّم الغدر والغش ومن يقوم بهذه الأعمال لا يمثّل دين الإسلام في شيء والإسلام بريء من هذه الأعمال الإرهابيّة ولايجوز نسبتها للإسلام البتّة. ولاندري من هم هؤلاء الذين يقومون بالأعمال الإرهابية وماذا يريدون من وراءها وما هو هدفهم، إلّا أنّنا نعلم أنّهم يسعون في تشويه صورة الإسلام ولن يستطيعوا بإذن اللّه، لأنّ الإسلام دين الله وهو حافظه وهو باق إلى قيام السّاعة وبه تقوم الحجّة على جميع النّاس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *